Friday, December 28, 2012

تحرير المرأة ـ تحليل

كما وعدت سابقا، إليكم تحليل كتاب "تحرير المرأة" للكاتب قاسم أمين .


الأفكار الرئيسية
يتكون الكتاب من 5 فصول:
  1. تمهيد 
  2. تربيَّة المرأة 
  3. حجاب النساء 
  4. المرأة والأمَّة 
  5. العائلة
معظم الأفكار التي يتطرق لها الكاتب في الفصل الأول و الثاني و الرابع موجودة في كتاب "المرأة الجديدة"، لذا فلا داعي لإعادتها هنا. سأقتصر إذن على أفكار الفصلين الثالث و الخامس.

الفصل الثالث : حجاب النساء
1. استشهد الكاتب بأدلة من الكتاب و السنة و ٱراء السلف ليثبت أن :
  • حجاب المرأة المتفق عليه من جمهور العلماء يستثني الوجه و الكفين. 
  • النظر إلى وجه المرأة جائز عند المعاملة و الشهادة و الخطبة. 
  • على مَنْ يخاف الفتنة من الرجال أن يغضَّ بصره، و على مَنْ تخافها من النساء أن تغضَّ بصرها. 
  • الحجاب بمعنى قصر المرأة في بيتها خاص بنساء النبي، ففي الٱية :
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
و من هنا، فالأمر بالمكوث في البيت خاص بنساء النبي، و ليس هنا مجال للتحدث عن اتخاذهن قدوة في ذلك، لأن الله أقر أنهن لسن كأحد من المسلمات.

2. استنادا على هذه الأدلة، طالب الكاتب بمجموعة من الإصلاحات في المجتمع:
  • تخفيف الحجاب، وردَّه إلى أحكام الشريعة الإسلاميَّة، لأن الحجاب المتعارف عليه في زمن الكاتب يحول في نظره بين المرأة وارتقائها. 
  • عدم قصر الفتيات في البيوت و إعطاؤهن الحرية في مخالطة الناس و اختبارهم و التعرف على المحيط الذي يعشن فيه. 
  • لمعالجة الأضرار الناجمة عن تخفيف الحجاب، ليس الحل هو منع هذا التخفيف و إنما التركيز على التربيِّة التي هي الحجاب المنيع والحصن الحصين بين المرأة وبين كل فساد. 
  • لا يجب رفع الحجاب مرة واحدة، بل يجب أولا إعداد نفوس البنات في زمن الصبا إلى هذا التغيير.

الفصل الخامس : العائلة
الزواج
  • إهمال العلماء للهدف الأساسي من الزواج و هو المودة و الرحمة بين الزوجين، و اعتباره آلة استمتاع في يدِّ الرجل. 
  • اتفاق جمهور العلماء على أن نظر المرأة المخطوبة مباح لخاطبها، و هو عكس ما كان متعارفا عليه في زمن الكاتب. 
  • إعطاء الدين للمرأة الحق في انتخاب زوجها كما أعطى للرجل الحق في انتخاب زوجته. 
  • حتى يكون الزواج مبنيا على أساس متين، يجب أن يكون هناك توافق بين نفوس الزوجين و تكافؤ اجتماعي و ثقافي و أخلاقي.
 تعدُّد الزوجات
  • جميع الآيات التي تحل تعدد الزوجات تحتوي على إباحة و حظر في ٱن واحد، لذلك خلص الكاتب إلى أن هذا الحلال هو كسائر أنواع الحلال تعتريه الأحكام الشرعية الأخرى من المنع والكراهة وغيرهما بحسب ما يترتَّب عليه من المفاسد والمصالح.
  • معارضة الكاتب لتعدد الزوجات إلا للضرورة القصوى كالمرض المزمن أو العقم، بالرغم أنه يرى أن "المروءة تقضي أن يتحمَّل الرجل ما تُصَابُ به امرأته من العلل، كما يرى من الواجب أن تتحمَّل هي ما عساه كان يُصَابُ به".
  • من خلال التجارب التي شاهدها الكاتب بصفته قاضيا، فإن مضار تعدد الزوجات أكثر من منافعها، لأنه يؤدي إلى الشقاق بين الزوجات و بين الأولاد من أب واحد، و هذا ينافي ما يدعونا إليه الإسلام.
الطلاق
1. ناقش الكاتب ثلاث مسائل متعلقة بالطلاق:

المسألة الأولى : مسألة وقوع الطلاق الصريح بدون اشتراط النيَّة
اعتبر الكاتب أن بعض الفقهاء - خصوصًا من المذهب الحنفي -خالفوا في هذه المسألة الأصول العامَّة التي بُنِي عليها معظم أحكام الشريعة و قضوا بوقوع الطلاق على المُكرَه والمخطئ والهازل والسكران مع تعريفهم السكران بأنه هو الذي لا يميِّز السماء من الأرض.
اختلف الكاتب مع هؤلاء الفقهاء لأنهم في نظره لم يعوِّلوا على النيَّة التي هي أساس الدين الإسلامي كما يستفاد من حديث "إنما الأعمال بالنيَّات"، كما أنهم لم يلتفتوا إلى قصد الشارع في أن الطلاق محظور في الأصل، وأنه أبغض الحلال عند الله.

المسألة الثانية : تقسيم الطلاق إلى صريح و بالكناية
قال الفقهاء أنه بالطلاق الصريح تقع واحدة رجعية ولو نوى أكثر من واحدة أو نوى واحدة بائنة، أمَّا بالكناية فيكون الطلاق بائنًا لا تصحُّ بعده الرجعة ولا تحلُّ الزوجة إلاَّ بعقد جديد إلاَّ في بعض ألفاظ استثنوها، ويقع بها الطلاق ثلاثًا إن نوى الثلاث.
في نظر الكاتب الطلاق الذي نصَّ عليه القرآن هو واحد رجعي دائمًا. فإنما الطلاق طلاق على كل حال، وهو فصل عصمة المرأة من الرجل، فاختلاف الألفاظ بالنسبة إلى هذا المعنى إنما هو اختلاف عبارة لا يصحُّ أن يتعلَّق به اختلاف حكم.

المسألة الثالثة : الطلاق الثلاث
اتَّفق أغلب المذاهب على أن الطلاق ثلاثًا متفرقة في حيض واحد أو في مرَّة واحدة وبلفظ واحد يقع ثلاثًا.
استشهد الكاتب بأدلة من السنة و السلف ليثبت أن الطلاق الثلاث في مرة واحدة لا يقع إلا مرة واحدة.

خلاصة
لا يجب الالتفات إلى اللفظ  في الأعمال الشرعية إلاَّ من جهة كونه دليلاً على النيَّة؛ فالطلاق إنما هو عمل يُقصَدُ به رفع قيد الزواج، وهذا يفرض حتمًا وجود نية حقيقية وإرادة واضحة عند الزوج  في الانفصال من زوجته. و لذلك اقترح الكاتب أن يكون وجود الشهود وقت الطلاق ركنا بدونه لا يكون الطلاق صحيحًا.

2. يرى الكاتب أنه يجب إعطاء المرأة الحق في الطلاق، و هذا يكون بإحدى طريقتين:

الطريقة الأولى
أن يجري العمل بمذهب غير مذهب الحنفية وقد وفىَّ مذهب الإمام مالك للمرأة بحقِّها في ذلك، وقرَّر أن لها أن ترفع أمرها إلى القاضي في كل حالة يصل لها من الرجل ضرر.
الطريقة الثانية
أن يستمرَّ العمل على مذهب أبي حنيفة، ولكن تشترط كل امرأة تتزوَّج أن يكون لها الحق في أن تطلِّق نفسها متى شاءت أو تحت شرط من الشروط؛ وهو شرط مقبول في جميع المذاهب.

يفضل الكاتب الطريقة الأولى لأن وضع الطلاق تحت سلطة القاضي أدعى إلى تضييق دائرته، وأدنى إلى المحافظة على نظام الزواج.

مناقشة
أولا
على أن البرقع والنقاب مما يزيد في خوف الفتنة ،ولو أن المرأة كانت مكشوفة الوجه لكان في مجموع خلقها ما يردُّ في الغالب البصر عنها لأنهما يخفيان شخصيتها فلا تخاف أن يعرفها قريب أو بعيد فيقول فلانة أو بنت فلان أو زوجة فلان كانت تفعل كذا؛ فهي تأتي كلَّ ما تشتهيه من ذلك تحت حماية ذاك البرقع وهذا النقاب.
لا أتفق مع الكاتب في هذا الرأي، فالمشكلة ليست في النقاب في حد ذاته و إنما في نية المرأة من لباسه، فإذا كان هدف المرأة التستر أكثر و زيادة الفضل فلها أجر ذلك، أما إن كان هدفها الإغراء أو إخفاء شخصيتها لفعل ما تشاء فهذا أمر ٱخر.

ثانيا
فمن المُشَاهَد الذي لا جدال فيه أن نساء أمريكا هنَّ أكثر نساء الأرض تمتُّعًا بالحرية، وهنَّ أكثرهنَّ اختلاطًا بالرجال حتى أن البنات في صباهنَّ يتعلَّمن مع الصبيان في مدرسة واحدة؛ فتقعد البنت بجانب الصبي لتلقِّي العلوم، ومع هذا يقول المطَّلعون على أحوال أمريكا إن نساءها أحفظ للأعراض، وأقوم أخلاقًا من غيرهنَّ، وينسبون صلاحهنَّ إلى شدَّة الاختلاط بين الصنفين من الرجال والنساء في جميع أدوار الحياة.
لا أدري عن أي أمريكا يتحدث الكاتب، صحيح أنه يقال أن الأمريكيين أكثر محافظة من الأوروبيين، إلا أننا نرى اليوم أنه في أمريكا أصبحت العلاقات خارج نطاق الزواج علاقات مشروعة و مقبولة، كما و انتشرت نسبة الأمهات العازبات، فأين حفظ الأعراض الذي يتحدث عنه الكاتب؟

ثالثا
هل يظنُّ المصريون أن رجال أوروبا مع أنهم بلغوا من كمال العقل والشعور مبلغًا مكَّنهم من اكتشاف قوَّة البخار والكهرباء واستخدامها على ما نشاهده بأعيننا، وأن تلك النفوس التي تخاطر في كل يوم بحياتها في طلب العلم والمعالي وتفضِّل الشرف على لذَّة الحياة، هل يظنون أن تلك العقول وتلك النفوس التي نعجب بآثارها يمكن أن يغيب عنها معرفة الوسائل لصيانة المرأة وحفظ عفَّتها؟ هل يظنون أن أولئك القوم يتركون الحجاب بعد تمكُّنه عندهم لو رأوا خيرًا فيه؟ كلا.
لو كنت مكان الكاتب، لأجبت بنعم أو على الأقل بلا أدري، فالتقدم في الصناعة و التكنولوجيا و العلوم لا يرافقه بالضرورة الارتقاء في الأخلاق. فقد تكون الغاية من التقدم ماديا محضا، كتحصيل سلطة أو مال أو قوة، و هذا قد يضعف سلطة الدين و الأخلاق و يؤدي إلى انحلال المجتمع، و أعتقد أن هذا ما حدث للمجتمع الغربي منذ الثورة الصناعية.

رابعا
وإنما كانوا يفتحون البلاد؛ دفاعًا عن الحوز، وتوسيعًا لنطاق الملك والسلطة والانتفاع بالصناعة والتجارة؛ وهو المقصد الذي يعمل له الأوروباويون في بلاد الشرق الآن.
لا مجال للمقارنة بين الفتوحات الإسلامية و بين ما قام به الأوروبيون من استعمار للبلدان الفقيرة، فالأولى كان الغاية منها نشر الدين الإسلامي و تمت بطرق سلمية و باحترام لأصحاب البلد المفتوح، على الأقل في المراحل الأولى للدولة الإسلامية، أما الثانية فكان الهدف منها استغلال ثروات الشعوب و استعبادهم؛ و قد استعملت الدول المستعمرة في ذلك أبشع الوسائل و أحطها.

خامسا
فإن الرجل يحتقر المرأة الجاهلة ولكنه يشعر رغمًا عن إرادته باحترام المرأة إذا وجد منها عقلاً ومعرفة وعلوًا في الأخلاق؛ فيعفُّ لسانه عن ذكر ما لا يليق بها، ويؤدِّي لها حقوقها.
لا أعتقد أن هذا ينطبق على كل الأزواج، فالكاتب هنا يتحدث عن نوع محدد من الرجال المثقفين و المتخلقين الذين يبحثون عن زوجة تكافؤهم في ثقافتهم و فكرهم، و لكنه أغفل فئة كثيرة من الرجال الذين و بالرغم من تعلمهم و تقلدهم المناصب، يفضلون أن يكون لهم سلطة على المرأة و يا حبذا لو كانت أقل ذكاء و علما منهم، حتى يشعروا دائما أنهم الأفضل.

استنتاجات و خواطر
أولا
فأول عمل يعد خطوة في سبيل حرية المرأة، هو تمزيق الحجاب ومحو آثاره.
ماذا قد يكون رد فعلنا إذا قرأنا مثل هذا التصريح في مكان ما؟ أعتقد أن الكثير من الناس لن يحاولوا البحث عن مصدره، و سيعتبرون قائله خارجا عن الدين و وجب محاربته. مع أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".

هذا القول موجود فعلا في كتاب قاسم أمين، و لكنه لا يعني بتاتا ما يوحي به الأمر، فالكاتب هنا يتحدث عن التحجب في البيوت و منع النساء من الخروج إلى المجتمع، أما الحجاب الشرعي الذي يجب أن ترتديه المرأة، فهو يقول فيه:
لو أن في الشريعة الإسلاميَّة نصوصًا تقضي بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب عليَّ اجتناب البحث فيه، ولَمَا كتبت حرفًا يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرِّة في ظاهر الأمر؛ لأن الأوامر الإلهيَّة يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة، لكننا لا نجد نصًا في الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة.
كما يقول:
لا ريب أن ما ذكرنا من مضار التحجُّب يندرج في حكمة إباحة الشرع الإسلامي لكشف المرأة وجهها وكفيها — ونحن لا نريد أكثر من ذلك.
فدعونا لا نحكم على الناس مما قد نسمع عنهم، بل يجب علينا التحقق بأنفسنا من صدق ما يصل إلى أسماعنا.


ثانيا
كان فكر الكاتب في زمنه فكرا جديدا و متمردا على المجتمع و عاداته و تقاليده، و هذا ما جعل البعض يعارضه و يشكك في نواياه بل و يعتبره عميلا للاستعمار، و هذا يحدث في زماننا أيضا و في كل زمان، فكل فكر جديد يتعرض للهجوم و الانتقاد. فالواجب علينا كمتعلمين أن لا نخاف التعرف على الأفكار الجديدة، بل يجب علينا دراسة سلبياتها و إيجابياتها حتى يكون حكمنا عليها منصفا و موضوعيا.

ثالثا
كانت وضعية المرأة في زمن الكاتب قد وصلت إلى الانحطاط، و هذا ما جعل الكاتب يثور على هذه الوضعية و يحاول إصلاحها، و في نظري لو لم يكن الكاتب قد قام هو بذلك لكان غيره قد فعل، فالضغط يولد الانفجار، و المرأة عاجلا أم آجلا كانت ستثور على وضعيتها و تطالب بحقوقها، و لكن للأسف الصمت الذي اعتمده الفقهاء و علماء الدين ٱنذاك جعل مفكرين ٱخرين، ليسوا على نفس الدرجة من العلم، و منبهرين بالتجربة الغربية، يقومون بالمهمة بدل عنهم، فاعتبرهم الناس طوق نجاة و التفوا حولهم و ٱزروا أفكارهم دون التحقق من نجاعتها و إمكانية تطبيقها.

رابعا
صحيح أنني أتفق مع الكاتب في الكثير من الأفكار التي جاء بها، إلا أنني أظن أن المجتمع ٱنذاك لم يكن مستعدا لتلقيها و تطبيقها بالشكل الصحيح. و صحيح أنه في كتابه ركز على تقديم التربية على تغيير عادات المجتمع، حيث قال :
أرى من الواجب عليَّ أن أنبِّه القارئ إلى أني لا أقصد رفع الحجاب الآن دفعة واحدة والنساء على ما هنَّ عليه اليوم؛ فإن هذا الانقلاب ربما ينشأ عنه مفاسد جمَّة لا يتأمَّل معها الوصول إلى الغرض المطلوب كما هو الشأن في كل انقلاب فجائي، وإنما الذي أميل إليه هو إعداد نفوس البنات في زمن الصبا إلى هذا التغيير.
فيُعوَّدن بالتدريج على الاستقلال ويُودَع فيهنَّ الاعتقاد بأن العفة ملكة في  النفس لا ثوب يختفي دونه الجسم، ثمَّ يُعوَّدن على معاملة الرجال من أقارب وأجانب مع المحافظة على الحدود الشرعية وأصول الأدب تحت ملاحظة أوليائهنَّ؛ عند ذلك يسهل عليهن الاستمرار في معاملة الرجال بدون أدنى خطر يترتَّب على ذلك اللهم إلاَّ في أحوال مستثناة لا تخلو منها محجَّبة ولا بادية.
إلا أنه لم يعط لهذا الشرط حيزا كبيرا في كتبه، و لم يفصل المنهج الذي يجب اتباعه حتى نقوم بهذه العملية بالتدريج، و لذلك  نجد أن الكاتب كتب في جريدة "الظاهر" سنة 1906:
لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى اقتفاء في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق ذلك الحجاب ، وإلى اشراك النساء في كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم .. ولكنى أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس .. فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والاسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن ، وماذا يكون شأنهم معهن اذا خرجن حاسرات ، فرأيت من فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على ما خذل من دعوتى واستنفر الناس إلى معارضتى .. رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا اليها بألسنة البذاء ، ثم ما وجدت زحاما في طريق فمرت به امرأة إلا تناولتها الأيدى والألسن جميعا .. إننى أرى أن الوقت ليس مناسباً للدعوة إلى تحرير المرأة بالمعنى الذى قصدته من قبل.

خاتمة
في الختام، أود أن أوضح أن الأفكار التي خلصت إليها، إنما فهمتها من قراءتي لكتابين فقط لقاسم أمين، على أن هذا الأخير قد كتب مقالات عدة في جرائد كثيرة لم أطلع عليها، و لذلك لا أقول أني أحطت بالموضوع من كل جوانبه، و إنما كان مجرد بحث بسيط اضطرني إليه ما سمعته عن هذه الشخصية. و على من يريد التعمق أكثر، قراءة الكتب و المقالات الأخرى التي كتبها الكاتب و كذا الكتب التي تعرضت لأفكار الكاتب بالنقد و التحليل.

ٱمال

4 comments:

  1. السلام عليك آمال أحييك اختيارك لهدا الكتاب المشهور جدا و المثير للمشاكل.
    لقد سبق لي ان قرأت الكتاب واكتشفت أن قاسم أمين يعني بالحجاب تحجب المرأة في المنزل أي عدم الخروج منه للدراسة أو العمل و القيام بنشاط ما.
    كما أن الحجاب الذي ينتقده بشدة هو شكل الحجاب آنذاك عند المصريين و ليس الحجاب الشرعي.
    أظن في مجمل الأمر أن الكاتب طالب بالحقوق الشرعية للمرأة و هي التعليم و حرية التنقل و اختيار الزوج والطلاق و العمل عند الحاجة و هذا لا يتناقض مع الدين في شيء. و لا أفهم صراحة لم يقولون أن قاسم أمين هو من أتعس المرأة لأنه السبب في خروجها من بيتها ، أنا شخصيا وبناءا على كتابيه المرأة الجديدة و تحرير المرأة لا أتفق كليا مع هذا الرأي : قاسم أمين كان فقط يعبر عن تغير طبيعي في المجتمع المصري عن إحساس بوجود خلل ما في البنية الاجتماعية التي كانت عرجاء بسبب شلل في احد اعضائها الحيوية و هي المرأة و عن صرخة لتصحيح هذا الخلل. و حتى من دون قاسم أمين كانت المرأة المستضعفة ستنادي بحقوقها المسلوبة فهذه سنن كونية، الظلم لآبد له من أن يقع مهما طال و ارتفع.

    ReplyDelete
  2. السلام عليكم، باشمهندسة آمال:تحليل أكثر من رائع.
    لكن أرجو من سعادتكم تصحيح الآية الكريمة، بكتابة "إن جاءكم فاسق بنبأ..." بدلًا من "وإذا جاءكم...."
    تحياتي

    ReplyDelete
    Replies
    1. أشكرك جزيل الشكر على تعليقك و على ملاحظتك. لقت قمت بتصحيح الخطأ

      Delete
  3. This comment has been removed by a blog administrator.

    ReplyDelete