Saturday, November 11, 2023

عالم موازي

أنظر من حولي فيُخَيَّلُ إلي أحيانا أنني أعيش في عالمين متوازيين، عالم يعاني فيه إخواننا مرارة الإبادة و التجويع و القتل و الدمار، و عالم آخر حيث الناس منخرطون في أعمالهم و مشاغلهم و أهدافهم و النجاحات التي يريدون تحقيقها و و و و

كل شيء مستمر و كأن شيئا لم يكن، مسابقات كرة القدم، و المهرجانات و البرامج الفنية التافهة و المؤتمرات عن السلام في العالم ! و الندوات عن النجاح في الحياة!!!!

عن أي نجاحات نتكلم و أطفالنا و نساؤنا و شيوخنا يموتون هناك و يُجَوَّعون هناك، و يُبادون هناك، و يُهَجَّرون هناك؟

هل أولئك يعيشون في كوكب آخر مثلا؟ هل لا يَمُتُّون لنا بصلة؟ هل هو مجرد فيلم رعب أو فيلم أكشن، نشاهده في التلفاز، يستفزنا قليلا، و يبكينا قليلا، ثم ما أن نغلق التلفاز، حتى نعود إلى حياتنا و نجاحاتنا؟! و كأن كل شيء على ما يرام؟

أنا لا أقول أن يُجَمِّد الناس حياتهم و يُعَطِّلوا أشغالهم و يوقفوا نجاحاتهم. لا سمح الله !

و لكن ألا يمكن أن نقوم بأشغالنا دون أن نكون مضطرين للتباهي بها في وسائل التواصل؟ هل من الصعب علينا أن نؤجل التعبير عن فرحنا و اعتزازنا بما نفعل و مشاركة نجاحاتنا "المبهرة" إلى وقت آخر؟ هل من الصعب علينا التغاضي عن مشاركة صورنا البراقة و ابتساماتنا العريضة في هذا الوقت العصيب؟

مرة أخرى، أنا لا أطلب من الناس التوقف عن عملهم أو التخلي عن مسؤولياتهم أو الانجرار إلى الاكتئاب و اليأس.

على العكس تماما، إن هذا هو أفضل وقت نركز فيه على أعمالنا و واجباتنا و نبذل جهدنا لإتقانها و النجاح فيها، حتى لا تأتي الهزيمة من جانبنا.

و لكن مع شرط أن يكون كل هذا مخلصا لله وحده، و أن لا نبتغي به احترام هذا و ذاك أو إرضاء أنواتنا أو تلميع صورنا. و يجب مع كل ذلك مراعاة شعور إخواننا الذين يذوقون ويلات الحرب، و لا يجدون قطرة ماء أو كسرة خبز يسدون بها رمقهم و جوعهم و لا دواء يخفف عنهم آلامهم و جراحهم.

أليس الرسول صلى الله عليه و سلم يصف المسلمين فيقول : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"؟

فأين الحمى؟ و أين السهر ؟ و أين التعاطف؟ و أين الجسد الواحد؟

***********

منذ أن بدأت الحرب، أصبح فؤادي فارغا ــ و أنا متأكدة أني لست الوحيدة التي تحس بهذا ــ.

ليس فراغا روحيا، لأنني أؤمن بأن النصر آت ولو بعد حين، و أن قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار، و أن الله هو الحكيم و أنه العدل سبحانه، و أنه اصطفى تلك البقعة المباركة و أولئك الناس الأحرار ليبتليهم فيصبرون فيجزيهم خير الجزاء.

و لكنه فراغ لا يمكنني وصفه، و كأن نظامي حدث له خلل ما و هو ينظر إلى كل أصحاب القرار في هذا العالم و المنظمات الحقوقية التي ظلت تمطرنا بالنظريات عن روح الإنسانية و العدالة الاجتماعية و حقوق الإنسان، ينظر إلى كل هؤلاء و هم غير قادرين على إيقاف هذه المهزلة و يكتفون بالتنديد و الشعارات.

أعلم أنها ليست المرة الأولى التي نشهد فيها حروبا ظالمة، فالظلم موجود على مر التاريخ، و الظالم دائما يتفنن في إذاقة ضحاياه شتى أنواع العذاب. و لكنه في عصور سابقة لم تكن هناك منظمات دولية تسن القوانين و تعمل على تطبيقها، فكان الظالم يطبق قانونه الخاص و يفعل ما بدا له.

و حتى في الحروب المعاصرة، كحرب العراق و أفغانستان و الشيشان و بورما غيرها، تجد الظالم يحاول عدم تخطي بعض الخطوط الحمراء، و يوجِد أعذارا أمام المجتمع الدولي و لو كانت كاذبة ليبرر الجرائم التي يقترفها.

أما الظالم الآن، فهو متعجرف متغطرس، لا يبالي بإيجاد الأعذار، و لا يحترم أي خطوط حمراء، بل ضرب بعرض الحائط كل القوانين، و عاث في الأرض فسادا، و لم يسلم من جبروته حتى المستشفيات و دور العبادة و المنشآت الحقوقية.

كل ذلك و الجميع يكتفون بالتنديد و الوعيد الذي لا طائل منه!

أتساءل كيف سيأتون غدا ليرددوا علينا هذه الشعارات و يسردوا علينا قصص المعاناة في العصور الغابرة ( كإبادة الهنود الحمر و العنصرية ضد السود في أمريكا)، و هم يتحسرون و يبكون و يشعرون بالذنب لما حدث في الماضي و ينفقون الملايين على أفلام تربح الأوسكار لإخلاء مسؤوليتهم، و كأنهم لو كانوا حاضرين وقتها لوقفوا مع الحق!

كل هذا تبخّر الآن، سقطت الأقنعة، و نعرف الآن أن هؤلاء المختبئون وراء القوانين و الدساتير الجديدة التي تدعو إلى السلم و العدالة و المساواة، ما كانوا ليفعلوا شيئا وقتها، بل و كانوا سيقفون مع الظلم كما يفعلون الآن بالضبط.

سيسجل التاريخ ذلك، و سنسجل ذلك، و لن ننسى، و لن نغفر!

اللهم اربط على قلوب إخواننا في غزة، و أفرغ عليهم صبرا و ثبت أقدامهم و انصرهم على القوم الكافرين.

اللهم استر عوراتهم و آمن روعاتهم و اجعل القنابل و الصواريخ بردا و سلاما عليهم.

اللهم ارحم شهداءهم و اشف مرضاهم و خفف عن جرحاهم.

اللهم أعن المجاهدين في سبيلك و سدد رميهم و أمدهم بجنود من عندك و اقذف في قلوب أعدائهم الرعب يا عزيز يا جبار.

اللهم أرنا في الظالمين يوما و عذبهم بأيدي جنودك و أذهب غيظ قلوبنا و اشف صدورنا، إنك على كل شيء قدير.

آمال

Saturday, December 24, 2022

كرة.. و أشياء أخرى

مونديال 1998، ربما كان هذا آخر مونديال أتابعه. كنت صغيرة حينها و كنت جد متحمسة للمنتخب الوطني، و لكني للأسف صدمت من أول مقابلة، كانت ضد البرازيل و ما أدراك ما البرازيل! و ما أدراك ما رونالدو في تلك الأيام! انتهت المباراة بثلاثة لصفر، لصالح البرازيل طبعا، و من شدة التوتر لم أستطع حتى أن أكمل المباراة. أدى المغرب في المقابلات التالية أداء جيدا ولكنه لم يمكنه من التأهل للدور الموالي كما كان متوقعا. منذ ذلك الحين، لم أتابع أي مونديال بعده، ولا أبالغ إن قلت أنني لا أدري إن كان المغرب قد تأهل لمونديال آخر بعد ذلك أم لا. موقفي ذاك كان لسببين رئيسيين، أولهما أني فقدت الثقة في أن يقوم المغرب أو أي دولة عربية بأي إنجاز، و الثاني أنني بدأت أقتنع أن كرة القدم مجرد لعبة يلهون بها الشعوب حتى ينسوا مشاكلهم و همومهم، إنها في النهاية لعبة سياسية عرفت اللوبيات الكبرى كيف تستغلها لصالحها.

بالرغم من عدم اهتمامي بالكرة، و لكني كنت أعرف على الأقل أن قطر هي التي ستنظم المونديال في هذه السنة، لأن الصحافة العربية و الغربية أغرقونا بالدعايات سواء تلك التي تساند قطر أو التي تهاجمها قبل حتى أن تحضر المونديال. كالعادة لم أهتم إن كان المغرب مشاركا أم لا، و لكني عرفت في  النهاية. و على العموم، لم أكن أنوي أن أتابع أخباره لأني كنت أتوقع خروجه المبكر منذ البداية، فما الداعي للتوتر و إضاعة الوقت و حرق الأعصاب؟ 

لم أشاهد المباراة الأولى طبعا، و لكني علمت بعدها أن المغرب تعادل مع كرواتيا، وصيفة فرنسا في المونديال السابق. ضربة حظ! هذا ما قلته حينها، تماما كما فازت السعودية على الأرجنتين، و فازت تونس على فرنسا. 

و جاءت المباراة الثانية ضد بلجيكا، التي احتلت المرتبة الثالثة في المونديال السابق. لم أحتج أن أحضر المباراة لأن المقهى المجاور لبيتي كان كفيلا ليطلعني على النتيجة أولا بأول. فكلما أحرز المغرب هدفا كان المقهى يقوم و لا يقعد. لا أنكر أني هنا بدأت أهتم قليلا بالأمر، بدأت أبحث للتأكد من النتيجة، و اندهشت لأنهم استطاعوا الفوز بهدفين للا شيء، مما وضعهم في ترتيب جيد مع باقي المجموعة. تساءلت، هل فعلا يمكنهم فعلها هذه المرة؟ من يدري؟ على العموم، ما تزال مباراة أخرى مع كندا قد تقلب موازين الأمور، لا داعي لأن أفرح دون داع. 

ها قد مرت المباراة الثالثة مع كندا، و ها نحن نفوز مرة أخرى. ما هذا؟ هل الأمر جاد؟ هل فعلناها و تأهلنا للدور الموالي؟  كنت خائفة حتى أن أصدق. بحثت عن الخبر في الأنترنت و وسائل التواصل، فوجدت أصداء مدهشة عن المنتخب المغربي و المستوى الاحترافي الذي لعبوا به في المباريات الثلاثة، و الكل كانوا يجمعون أن تأهلهم لم يكن صدفة بل كان عن استحقاق. كل هذا جميل، جميل لأي شخص يجتهد في ميدان ما أن يحصد ثمار ما قدمه و أن يعترف الناس بالمجهود الذي بذله. و لكن كل ذلك ليس هو ما شدني شخصيا، بل شدتني أشياء أخرى بعيدة تماما عن لعب الكرة. أولها الروح الجميلة بين لاعبي الفريق الذين بينوا للجميع أنهم لا يلعبون فقط من أجل مجدهم الشخصي، بل من أجل هدف أكبر وحّدهم و جعلهم يدا واحدة و استطاعوا بسببه فرض هيمنتهم على الملعب.  و ثانيها الاحترام و الحب اللذان كانا جليين في تعاملهم مع مدربهم، المدرب الذي صنع المعجزة و جمع فريقا من هنا و هناك في ثلاثة أشهر فقط و نجح في بث الألفة و الانسجام بينهم، و أقنعهم أن الحلم يمكن تحقيقه. 

و ثالثها تلك اللقطات الرائعة للاعبين مع أمهاتهم و آبائهم، لقطات لم أر مثلها من قبل في مباريات كرة القدم، و حتى إن كانت قد حدثت فهي مبادرات فردية. أما هم، فقد أظهروا للناس أنها ثقافة الفريق بأكمله، فلم تكن تخل مباراة من هذه اللقطات، فهذا يقبل جبين والدته، وذاك يعانق أباه و آخر يرقص مع أمه وسط الملعب. شيء في منتهى الروعة أن تعترف أمام الجميع أن كل ما وصلت إليه من نجاح لم تكن لتصل إليه لولا أمك و أبيك.


و رابعها سجودهم لله بعد كل مباراة. و لست أناقش هنا إن كان ذلك جائزا أو لا من الناحية الشرعية، لأنه ليس تخصصي. و لكنها تبقى صورة جميلة لمجموعة من اللاعبين يسجدون في نفس الوقت شكرا لمن خلقهم و رزقهم و من عليهم بالفوز.

و أخيرا و ليس آخرا، عدم نسيانهم لقضية العرب و المسلمين أجمعين، قضية فلسطين. فمن المدهش فعلا أن ترى علم فلسطين يرفرف على ظهور اللاعبين، حتى الذين يعيشون منهم في الدول الأوروبية.

من هؤلاء الشباب؟ من أين جاءوا ليعطونا دروسا في الأخلاق و العروبة و الإسلام، و يغيروا الصورة النمطية للاعب كرة القدم الذي لا يهمه إلا المجد الشخصي أو الوطني على أكثر تقدير. 

المهم، صعد المنتخب إلى دور الستة عشر، الحمد لله و شكرا لكم، و لا ننتظر منكم أكثر من ذلك.

بالرغم من انبهاري بما حدث، ولكنني كنت شبه متأكدة أن المباراة مع إسبانيا ستكون مختلفة، و أن هذه الأخيرة ستكون لنا بالمرصاد. و لكن حدثت المعجزة ! نعم إنها معجزة ! قام الفريق بمجهود خرافي لمنع المنتخب الإسباني من التسديد طيلة مائة و عشرين دقيقة. كان الجميع على أعصابهم. هل سننجح مرة أخرى؟ غير معقول! حان وقت ضربات الجزاء. ضربة الجزاء الأولى للمغرب، هدددددف. ضربة الجزاء الأولى لإسبانيا، صدتها العارضة! مستحيل! الضربة الثانية للمغرب، هدف آآآخر! الضربة الثانية لإسبانيا، صدها الحارس!!! ما هذا؟ ما الذي يحدث؟  الضربة الثالثة للمغرب يصدها الحارس. الضربة الثالثة لإسبانيا يصدها الحارس مرة أخرى!! هل أنا أحلم ؟ و أخيرا الضربة الفارقة، العالم العربي كله يتطلع إلى حكيمي، و ها هو يسجل، و ها هو هدف الفوز! مستحيل!! ما يحدث معجزة بكل المقاييس! لأول مرة تتأهل دولة عربية إلى الربع نهائي وسط فرح كل العرب و المسلمين.


و ها نحن نرى اللاعبين مرة أخرى يسجدون، و يبحثون عن أمهاتهم ليحتفلوا معهم، و ها هم يأخذون صورة للفريق مع علم فلسطين. لم أكن يوما أحلم أن أعيش مثل هذه اللحظات. صحيح أن الكرة في نهاية المطاف مجرد لعبة، و لكنها باتت تعني الكثير للناس، إنها تلك الكرة السحرية التي تجمع و تفرق. و اليوم هي تجمع المسلمين كلهم على فرحة واحدة. فرحت بالخصوص لأني رأيت المسلمين فرحين لأول مرة على نفس الحدث و في نفس الوقت، حتى اللاجئون منهم في المخيمات، و حتى المحاصرون في غزة، الجميع فرحون. منذ زمن بعيد، لم نشعر بهذا الفرح. الجميع كانوا يعرفون أنهم سيعودون لواقعهم المر و مشاكلهم، و لكن المهم أننا فرحون الآن، فلنستمتع إذن باللحظة، التي ربما لن تعود مرة أخرى.

سيخوض المغرب مباراة الربع النهائي ضد البرتغال. لن تكون مباراة سهلة، خاصة إن لعب رونالدو. كعادتي كنت متشائمة و لم أرد أن أشاهد المباراة لكي لا أتوتر. و لكن الفريق المغربي أثبت مرة أخرى و عن استحقاق أنه ليس سهلا و استطاع تسجيل هدف في شباك الخصم. و الجميع بعد ذلك كانوا ينتظرون انتهاء المباراة و فوز المغرب على أحر من الجمر. و ما أن أطلق الحكم صفارته حتى تعالت الهتافات في كل البلدان العربية و ملأت الاحتفالات شوارعها. الجميع فرحون مرة أخرى و لنفس السبب! شعور رائع لا يوصف. 

كل ذلك رفع سقف توقعاتنا، و بدأنا نحلم بأن نفوز بالمونديال. نحن الذين كنا متأكدين أننا سنخرج من أول دور بدأنا نتطلع للفوز بالمونديال!! 

لم يوفق المغرب في المباريتين المواليتين. كنا نطمع أن نذوق تلك الفرحة مرة أخرى، و لكن قدر الله و ما شاء فعل. المهم أن اللاعبين لم ينسوا أن يسجدوا لله شكرا حتى بعد هزيمتهم و المهم أن الشهادتين كانتا تدويان في الملعب بأكمله. إننا لا نعبد الله على حرف، نعبده و نحمده في السراء و الضراء. و المهم أننا كمسلمين بقينا في هذا السباق حتى آخر يوم في المونديال، بقينا حتى نظهر قيمنا و عقيدتنا و أخلاقنا للعالم بأسره.

شكرا للمنتخب المغربي على الصورة المشرفة التي قدموها للإسلام و المسلمين، شكرا على أنهم أتاحوا لنا الفرصة حتى نشعر بأحاسيس لم نحس بها من قبل، شكرا لأنهم ذكرونا أننا أمة واحدة، و أن قوتنا في إيماننا و عقيدتنا و أن قضايانا واحدة لن نحيد عنها. شكرا لكم و جزاكم الله خيرا !

الآن بعد أن انتهت هذه المغامرة الشيقة، ها نحن نعود، كل منا إلى واقعه و مشاكله و همومه و تحدياته. لن أغير فكرتي عن كرة القدم فهي ستبقى كما يسمونها "أفيون الشعوب"، و سأبقى كعادتي لا أتابعها و لا أتابع أخبارها. و لكنني ربما سأنتظر الآن المونديال القادم ! 

آمال

Monday, August 23, 2021

شيفرة بلال - تحليل


عدد الصفحات : 380

الشخصيات الرئيسية

بلال : مراهق عمره أربعة عشر سنة مريض بالسرطان و محكوم عليه بالموت المؤكد.
لاتيشا : أم بلال، تسكن في بروكلين و تعمل مدرسة.
أمجد حلواني : أمريكي من أصل عربي، يدرس و يحضر الدكتوراه حول تاريخ الشرق الأوسط.
بلال الحبشي : صحابي جليل، أصله من الحبشة. كان مملوكا لأمية بن خلف قبل أن يعتقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه. و كان أول مؤذن في الإسلام.

 

الشخصيات الثانوية

سعيد : أبو بلال، أمريكي من أصل مغربي، انفصل عن أمه بعد ولادته.
عبدول : صديق أمجد، أمريكي من أصل عربي وبالتحديد من الخليج.
كريستين : حبيبة أمجد، و هي أمريكية شقراء تحضر دكتوراه في علم النفس.
جون واشنطون، مايك، جيسيكا : زملاء بلال في الصف.
ووبي، ديان، ماغي : زملاء لاتيشا في المدرسة.
مستر ويد : مدير المدرسة التي تعمل فيها لاتيشا.
ليزا، بوبي، جاك، فريدي، إيدي، كيفن، حكيم، إيميلي، رايان : تلاميذ لاتيشا في المدرسة.
  

ملخص

للرواية خطان زمنيان. الخط الأول يتناول قصة بلال، المراهق الذي يكتشف أنه مريض بالسرطان و أيامه معدودة. بعد رؤيته لدعاية فيلم جديد يحمل اسمه، يحاول بلال أن يتواصل مع كاتب السيناريو أمجد ليعرف المزيد عن موضوع الفيلم قبل طرحه للعرض. في هذه القصة يصف الكاتب طبيعة العلاقة التي تولد بين هاتين الشخصيتين و كذا علاقة لاتيشا بهما، كما يصف التحديات و الهواجس التي واجهت كل هذه الشخوص في الماضي و تلك التي تواجهها حاليا. أما الخط الزمني الثاني فيسرد فيه الكاتب قصة الصحابي الجليل بلال الحبشي، تارة من وجهة نظر أمجد الذي يحكي قصته و أهم محطات حياته قبل و بعد إسلامه، و تارة على لسانه هو حيث يصف الأفكار التي جالت في خاطره و الأحاسيس التي شعر بها أثناء هذه الأحداث. و يوضح الكاتب كيف تداخل الخطان الزمنيان ليصبح بلال الحبشي مؤثرا في بلال المعاصر و كذلك في أمجد و لاتيشا.

 

الأفكار الرئيسية

1. العنصرية

من المحاور الأساسية التي تناقشها الرواية هي موضوع العنصرية و ما ينتج عنها من اضطهاد و تنمر و ظلم. و ليست العنصرية مرتبطة باللون أو العرق فقط، بل يتعلق الأمر بكل اختلاف قد يؤدي إلى احتقار الآخر و اعتباره أقل مرتبة. فمجتمع الجاهلية المتمثل في أمية بن خلف كان يمارس عنصرية تجاه العبيد، فقط بسبب اختلاف لونهم و عرقهم. و لم ينته هذا الوضع إلا بعد مجيء الإسلام الذي جعل التفاضل بين الناس على أساس التقوى و العمل. و قد سار الأوروبيون على نفس النهج عندما قاموا بتهجير الناس من إفريقيا ليستعبدوهم في القارة الجديدة و عاملوهم بطريقة وحشية سواء أثناء فترة سفرهم في السفينة أو بعد وصولهم إلى أمريكا (كما في قصة كونتا كونتي بطل رواية جذور)، إلى أن جاء أبراهام لينكولن بعد ذلك بوقت طويل ليعلن تجريم العبودية و تحرير العبيد.

مثال آخر من العنصرية هو المستر ويد، مدير المدرسة حيث تعمل لاتيشا، و الذي يتعامل مع هذه الأخيرة بعنصرية ليس بسبب لونها، بل بسبب طبقتها الاجتماعية، كونها نشأت في ضاحية فقيرة تُعْرف بالجريمة. و بالرغم أن لاتيشا أثبتت أنها أستاذة جيدة تتقن عملها، إلا أنه لم يكن مستعدا لتغيير رأيه المسبق فيها و لم يتوان عن مضايقتها في كل مناسبة ممكنة.

شكل آخر من أشكال العنصرية مارسته كريستين على أمجد لمجرد أن أصوله عربية، و كانت دائما تعيّره بها و تستعملها كسلاح ضده في مناقشاتهما.

أما بلال، بطل الرواية، فقد تعرض أيضا للتنمر في المدرسة بسبب بدانته و عدم قدرته على الدفاع عن نفسه.

و الكاتب هنا لا يناقش العنصرية من زاوية الشخص الذي يمارسها فقط بل كذلك من زاوية الشخص الذي يتعرض لها. فمن هؤلاء من يستسلم لها في البداية كما فعل بلال الحبشي و أمجد و بلال و لاتيشا، ثم يقرر أن يثور عليها فيما بعد لأسباب مختلفة لكنها كلها مرتبطة بالإيمان بقضية ما. و منهم من يقاوم في البداية و يحاول أن يصمد، و لكنه يستسلم بعد مدة و يقبل بالأمر الواقع، تماما كما فعل كونتا كنتي.

فكرة أخرى يركز عليها الكاتب هي أن العنصرية لا تنتهي فقط بعد الإيمان بدين أو بفرض قانون، بل هي أقوى من ذلك. إنها في نظره أصنام لا مرئية توجد داخلنا و يصعب تحطيمها و هي التي تجعلنا ننظر إلى الشخص المستهدف على أنه أقل مرتبة، و لذلك كان وقوف بلال الحبشي فوق الكعبة بعد فتح مكة درسا عمليا لهدم هذه الأصنام الداخلية.

2. التناقض لدى المسلمين في الغرب

يتطرق الكاتب في الرواية إلى التشتت الذي يحس به الجيل الثاني من العرب في بلاد الغرب، فهم لا يعرفون إن كان عليهم اتباع أفكار و عادات البلد الذي ينحدرون منه و تربطهم به أواصر تاريخية، أو اتباع أفكار و عادات البلد الذي ولدوا و ترعرعوا فيه و كل ذكرياتهم فيه. و في حين تجد البعض يعض بالنواجذ على انتمائه لبلده الأم إلى درجة التطرف أحيانا، تجد آخرين يتمردون على قيم آبائهم و دينهم و يعلنون استقلاليتهم المطلقة. بل و تجد الكثير منهم يتجهون إلى طريق الإلحاد فقط ليقطع كل صلة تربطه بأصوله و تاريخه الذي يتحرج و يتبرأ منه. و هذا ما عالجه الكاتب مع شخصية أمجد المتمردة على الدين بالرغم أنه ما زال يتميز بصفات و طباع شرقية يحاول التغلب عليها دون جدوى. و كذلك شخصية عبدول الذي بالرغم من اندماجه التام في المجتمع الغربي إلا أن بعض كلامه و تصرفاته توحي أنه يحن لأصوله و قيمه، بل إنه يتحدث عن الدين و يدافع عنه و هو يشرب الخمر! و كذلك سعيد والد بلال الذي بالرغم أنه شخص فاشل لا يعمل و مدمن على المخدرات و الكحول و لكنه قرر أن يسمي ابنه هذا الاسم لأنه لصحابي جليل بل و أذّن في أُذن ابنه بعد ولادته. كما حكى أمجد كيف أن والديه كانا يشربان الخمر و يأكلان الخنزير و يحتفلان بأعياد النصارى و مع ذلك يضعان القرآن في المكتبة إلى أن كبر أبوه و صار يصلي الجمعة.

3. الحرية بمفهومها الواسع

ربما كان أهم محور يناقشه الكاتب في هذه الرواية هو الحرية. و الحرية هنا لا تعني أن يكون الشخص عبدا مملوكا عند سيد ما، مثل بلال الحبشي الذي كان مملوكا لأمية، بل لها مفهوم أوسع. الحرية هي أن تستعبد من طرف شخص يستغلك بأي شكل من الأشكال و أنت تظن أنك لا تستطيع العيش من دونه، كما استعبدت كريستين أمجد و استغلت حبه لها و ضعفه تجاهها، و كذلك سعيد الذي استعبد لاتيشا في مرحلة معينة و استغل طيبوبتها و صبرها. 

و الكاتب يدعو أيضا إلى التحرر ليس فقط من الأشخاص و السلاسل المرئية، بل من القيود اللامرئية التي تستعبدنا سواء كانت فكرة أو مبدأ أو إحساسا بالضعف. و العمري يشبّه هذه القيود بصخرة سيزيف التي نحملها دون هدف و من دون أي منطق و لكننا نظل نحملها لأننا نعتقد أن لا مفر من ذلك و أننا لا نستطيع التخلص منها لأنها قدرنا. فبلال مثلا استسلم لضعفه أمام زملائه الذين يتنمرون عليه و أقنع نفسه أنه عاجز عن مواجهتهم، و لكنه اكتشف متأخرا أنه قادر على ذلك و أنه كان بإمكانه إنهاء الأمر منذ البداية. نفس الشيء حدث للاتيشا التي رضخت لمضايقات المستر ويد و قررت عدم مواجهته فعانت من تنمره عليها و محاربته لها، و لكنها اكتشفت كذلك أنها كانت فقط مستسلمة لضعفها و أن المواجهة ليست بالصعوبة التي تخيلتها. أما أمجد فكان محبوسا في سجن الإلحاد الذي كان يتوهم أنه مقتنع به و لكنه في الحقيقة كان فقط يهرب من تساؤلاته و شكوكه. و لم يتمكن من الفرار من هذا السجن إلا بعد أن قبل بكتابة سيناريو فيلم "بلال".

و القدوة التي تبعتها شخصيات الرواية للتحرر من مخاوفها و ضعفها هي بلال الحبشي. بلال الذي كان عبدا مولدا، أي أنه ولد ليكون عبدا عند سيده. و لكنه ما أن سمع بالدين الجديد الذي يساوي بين الناس كلهم و يعتبرهم جميعا عبيدا لله سارع إلى الإيمان به، و احتمل العذاب الشديد من سيده و آثر الموت على أن يعود عن دينه، إلى أن أنقذه أبو بكر و أعتقه. و يوضح الكاتب أن إيمان بلال لم يكن لطمعه في أن يعتق لأن الإسلام لم يكن قد شرع تحرير العبيد، و لكنه آمن لأنه فهم أن الحرية اختيار، الحرية ببساطة هي الخروج من عبودية الناس لعبودية الله، و أن الجميع يتساوون في كونهم عبادا لله. و هذا بالظبط ما أعطاه القوة على مواجهة أمية و تحديه، فهذا الأخير في النهاية ليس إلا عبدا لله، مثله تماما، فلماذا يخضع له إذن، بل ظل يعيد "أحد أحد" التي تعبر عن قضيته و إيمانه بإله واحد تتلاشى أمامه كل القيود المرئية و اللامرئية.

4. الإيمان بالله و الإلحاد  

أعطى الكاتب في الرواية أهمية خاصة لموضوع الإيمان بالله، و وصف المراحل التي مرت بها شخصيات الرواية الرئيسية لإثبات وجود الله و الإيمان به. فبلال الحبشي لم يأخذ وقتا طويلا حتى يؤمن بالله الأحد و يصدق رسالة النبي ﷺ، لأن المبدأ الأساسي الذي نادت به، ألا و هو اعتبار الناس كلهم عبيدا لله تعالى، خاطب عقله و وجدانه. و ظل متمسكا بإيمانه بالرغم من التعذيب الوحشي الذي تعرض له على يد سيده أمية. 

أما كونتا كونتي فنفهم من رواية جذور أنه كان مسلما مؤمنا بالله، لا يأكل الخنزير و لا يشرب الخمر و يصلي و يصوم و ما إلى ذلك. و قد حاول جاهدا أن يتشبث بهويته و أصوله و لكنه استسلم في النهاية بعدما تعرض للتعذيب الشديد، فقبل مرغما بتغيير اسمه إلى "توبي" و نسي بعد سنين تفاصيل عديدة عن بلده الأم و تقاليده، في محاولة منه التأقلم مع وضعه الجديد الذي بدا تغييره مستحيلا. و بالرغم أنه بقي مؤمنا بالله، إلا أنه تخلى عن شعائر دينه و فرائضه، اللهم إلا لحم الخنزير الذي ظل ممتنعا عن أكله. 

و هنا قد نتساءل؟ هل ظروف بلال الحبشي و كونتا كونتي متشابهة؟  قد يقول البعض إن بلال الحبشي تعرض للتعذيب و كاد يموت لولا أن تدخل أبو بكر رضي الله عنه لإنقاذه و أعتقه، ففي مكة إذن كان هناك أمل، لأنه كان يوجد من آمن بالدين الجديد قبل بلال و تدخل فعلا لإنقاذه. بل و إن الرسول عليه الصلاة و السلام شرفه و أعلى قدره عندما جعله في البداية مؤذنا ثم أمينا للمستودعات. و لكن كونتا كونتي كان وحيدا في القارة الجديدة، محاطا إما بالبيض الذين لا يعرفون معنى الرحمة، أو بالسود الذين جاؤوا معه و لكنهم قرروا الاستسلام منذ البداية. فلو كنا مكانه، هل كنا فعلا سنصمد أو سنستسلم كما فعل؟ سؤال صعب. و لكنني أعتقد أنه لو كان كونتا كونتي صبر على التعذيب أكثر، كان إما سيموت و يكون بطلا لأنه تمسك بمبادئه حتى النهاية، أو سيتعب سيده من تعذيبه و يخضع لرغبته، و كان سينتصر في الحالتين. فلماذا بلال كان مستعدا للموت و غير آبه به و كونتا كونتي لم يصمد لوقت أطول ؟ أظن أن الفرق هو أن بلال كانت قضيته "أحد أحد"، كان يناضل و يصبر من أجل إعلاء كلمة الحق و نصرة الإسلام، و هذه قضية عظيمة. أما كونتا كونتي فكان يناضل من أجل عدم تغيير اسمه و الحفاظ على هويته، و هي في نظري قضية أقل أهمية من قضية بلال. 

أما عن أمجد، فقد خصص له الكاتب مساحة كبيرة في الرواية ليصف التحولات التي طرأت على قناعاته الدينية منذ بداية القصة و حتى نهايتها. ففي البداية كان أمجد يظن واهما أنه ملحد لا يؤمن بوجود إله، و كان يفسر كل شي في ظل نظريات التطور أو الصدفة، و كان يعتقد أن الدين اخترعه البشر كغطاء للأمان أو مسكن للآلام. و لكنه بعد أن وافق على مضض على كتابة سيناريو فيلم "بلال"، و تعرف على شخصية بلال الحبشي، و كذلك بعد مراسلة بلال له و التزامه بشرح تفاصيل السيناريو له، بدأت الشكوك تساوره و التساؤلات تنغص عليه راحته. فبعد أن كان متيقنا أنه ملحد عن اقتناع، اكتشف أن ذلك الأمجد المادي الواقعي البراغماتي الذي كان يظهره للناس ما كان إلا قناعا يخفي خلفه ضعفا كبيرا و نقصا كبيرا في شيء ما. و هنا بدأت الأسئلة التي كان يهرب منها تطفو على السطح. إذا كانت النظريات العلمية تعتبر أن كل شيء بدأ بالانفجار الأعظم و بعدها خضع العالم لعمليات التطور، فكيف حدث الانفجار الأعظم من الأساس؟ لماذا الدين يقدم إجابة على هذا في حين يتجاهله العلم؟ و إذا كنا نؤمن بوجود روح و هي شيء لا مرئي، فلماذا لا نؤمن بوجود إله لمجرد أننا لا نراه؟  و إذا كان الدين اختراع بشري هدفه تسكين الألم و الإحساس بالأمان، أو ليس الإلحاد كذلك أيضا؟ شيء آخر زعزع عقيدة أمجد هو عدم قدرته على أن يقول لطفل مريض بالسرطان أنه عندما سيموت سينتهي كل شيء، و أن الحياة التي عاشها و العذاب الذي عانى منه كان في النهاية دون هدف. و لكن ما الفرق في النهاية بين بلال و أي شخص آخر سيموت يوما ما؟ ما الغاية من حياته؟ كل هذه التساؤلات بالإضافة إلى تجربته مع بلال جعلت أمجد يحس أن هناك تدبيرا محكما أوصله إلى هنا و جعلته ينتقل من دائرة "لا إله" إلى دائرة "لا إله إلا الله"، العبارة التي كان بلال الحبشي يرددها في الآذان. 

أما بلال بطل الرواية فكان منذ البداية يحس بوجود الله و الدليل أنه طلب منه أن يميته لينتهي من عذابه في المدرسة. و ما زاد من اقتناعه بوجود إله هي أنه لم ير والده يوما. حيث كتب في مدونته أنه بمجرد أن يكون الإنسان قد ولد، فهذا يعني أن له والدا حتى لو لم يتمكن من رؤيته طيلة حياته. و هنا توصل بكل بساطة إلى أن نفس المنطق يمكن استعماله لنثبت أن الله موجود، فبمجرد أننا موجودون هنا في هذا العالم، يكون هو موجودا أيضا حتى لو لم نره. و حتى عندما تساءل عن سبب الأمراض و الظلم و الحرمان الموجود في هذا العالم و لماذا يسمح الله بحدوثه، أجاب نفسه أن الله لم يجعل الأمور هكذا بل ترك للناس حرية الاختيار، و هم من أوصلوا العالم إلى هذه النقطة. و على العموم فهذه الأشياء هي فرصة لنا لاختبار أنفسنا و استيعاب قيمة الأشياء الجيدة.

أما لاتيشا فلم يركز الكاتب على اعتقادها الديني لأنها على ما يبدو لم تكن تشكك في وجود إله، و لكنها في نفس الوقت لم تكن تعطي أهمية كبيرة للدين في حياتها.

5. مواجهة السرطان   

اختار الكاتب أن يكون بطل روايته مريضا بالسرطان و أن تكون أيامه في الدنيا معدودة. و حاول أن يغوص في أعماق نفسه ليصف مشاعره ومخاوفه و طريقة تفكيره و نظرته للسرطان. إلا أن بلالا هنا ما هو إلا رمز لكل شخص يواجه مرضا فتاكا أو ظروفا قاهرة خارجة عن إرادته. و ربما يكون الكاتب قد وفق بعض الشيء في طرح بعض الأفكار، حيث اعتبر مثلا أن هزيمة المرض ليست في أن لا يموت الإنسان، لأن ذلك قضاء و قدر، و لكن في أن لا يموت قبل ميعاد موته، أي أن يقتل كل رغبة له في أن يعيش ما تبقى له من عمره بشكل مثالي. و أن يستغل كل يوم فيه ليجعل حياته القصيرة ذات معنى و قيمة. فقيمة الحياة ليست في طولها بل في ما تنجزه فيها.

و مع ذلك أعتقد أنه من الصعب على كاتب أن يتكلم نيابة عن شخص يعاني من مرض ما أو مر بأي تجربة قاسية أخرى إذا لم يكن مر بنفس التجربة. فمهما حاول الإنسان أن يتخيل ما يشعر به و يفكر فيه هذا الشخص، لن يستطيع أن يعبر بشكل دقيق عن حالته النفسية. لذلك أفضل السير الذاتية في هذا السياق لأنها تكون أكثر مصداقية و أكثر تأثيرا.

6. الهدف من الحياة و الأثر  

طرح الكاتب في الرواية موضوعا آخر مهما، و هو الأثر الذي سيتركه أي إنسان للعالم بعد أن يموت. و هنا اعتمد على قصة بلال الحبشي، الذي دخل التاريخ ليس فقط بقوة عزيمته و صبره على التعذيب و انتصاره على الظلم و العبودية، و إنما كذلك بموهبته. فبلال كان ذا صوت ندي أهّله لأن يكون أول مؤذن في الإسلام، مع أن نفس ذلك الصوت كان سببا في احتقاره و التقليل من رجولته أيام الجاهلية. و لذلك اعتبر الكاتب أن كل شخص يجب أن يكتشف موهبته لينمِّيَها و يطورها و يصنع بها إرثا يتركه بعد موته. عند اطلاع لاتيشا على هذا الجزء من قصة بلال، اقترحت على ابنها أن يستغل موهبته في الكتابة ليعبر عن تجربته مع السرطان و ينشرها في مدونة يقرأها الناس بعد وفاته و يستفيدون منها.

شخصيا أنا متفقة مع هذه الفكرة، و لكن مع تحفظ بسيط، و هو أن تكون نية الإنسان في ترك أثر ليس لتخليد اسمه بين الناس، لأن هذا لن يفيده شيئا في الدار الآخرة، بل لكي يترك عملا ينفع الناس و يزيد من حسناته حتى و هو ميت و يخوله أن يكون ممن يذكرون في الملأ الأعلى. و هنا أستحضر حديث الرسول ﷺ : "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، رواه مسلم". أعتقد إذن أن الموهبة ليست هي الوحيدة التي تجعلك تترك أثرا في هذا العالم، فحتى الصدقة الجارية قد تنفع بها الناس و تزيد من حسناتك و الولد الصالح يدعو لأبويه فيستجيب الله له. و هذا من رحمة الله بنا أن جعل لنا طرقا كثيرة يغفر الله لنا بها حتى بعد وفاتنا.

 

مناقشة

في المجمل أعجبتني المواضيع التي طرحها الكاتب في الرواية و كيفية مناقشته لها. و لكن مع ذلك لي بعض الملاحظات حول القصة في حد ذاتها و الطريقة التي اختار الكاتب أن يسرد بها بعض الأحداث، و كذا بعض الأفكار التي لم يوفق في طرحها. 

1. أغلب المعلومات التي عرفناها عن بلال الحبشي و تلك الحقبة من تاريخ الإسلام جاءت في الرسائل الإلكترونية التي كان يرسلها أمجد إلى بلال. و لكن الطريقة التي عرض بها الكاتب هذه الرسائل لا توحي أبدا بأنها رسائل كتبها شخص ملحد معاد لفكرة الدين و متحامل على الإسلام ليرسلها إلى مراهق أمريكي لا علاقة له لا بالإسلام و لا بالتاريخ الإسلامي! فالرسائل مثلا تضم نصوص أحاديث شريفة مع سندها، ما الفائدة من هذه النصوص؟ هل الكاتب هنا يخاطب القارئ أم بلالا؟ أ لم يكن من المنطقي أكثر أن يكتفي أمجد بملخص للحديث أو تفسيره؟  حتى بعض التأويلات في سرد أمجد لقصة بلال الحبشي قدمت بشكل مبالغ فيه بالنسبة لشخص ما زال يتعرف على هذه الشخصية التاريخية. نفس الملاحظة يمكن أن نراها في الوصف الإيجابي للرسول صلى الله عليه و سلم و في الأجوبة العفوية التي كان يقدمها أمجد لبعض تساؤلات بلال و التي توحي أنه على دراية كبيرة بأحكام الإسلام و أعراف الجاهلية مع أنه لم يكن قد بحث قبل ذلك في هذا المجال و من الصعب أن يعرف هذه التفاصيل الدقيقة في مدة قصيرة. و كذلك الشرح الذي قدمه أمجد لعبارات الآذان تستدعي أن يكون الشخص عالما باللغة العربية و متعمقا فيها. لذلك أحسست و أنا أقرأ تلك الرسائل أن الكاتب نفسه هو الذي يتحدث و ليس شخصية أمجد، و هذا في نظري خطأ كبير لأن الكاتب خلط بينه و بين شخصية في القصة لها ملامحها و صفاتها الخاصة. 

2. اختار الكاتب أن يجعل شخصيات روايته تتحدث عن نفسها كما فعل في "كريسماس في مكة"، و هو أسلوب أحبه عموما لأنه يضفي على القصة عمقا و واقعية أكثر. و لكن عندما يتعلق الأمر بشخصية حقيقية بل و أكثر من ذلك بصحابي جليل كبلال الحبشي، فهذا في رأيي غير مقبول. خاصة و أن الكاتب عندما يتحدث على لسان بلال لا يسرد الأحداث فقط، و إنما يصف الحالة النفسية التي مر بها و المشاعر التي أحسها و الأفكار التي جالت في خاطره بل و يسرد الأحلام التي رآها، و هذا في رأيي قد يكون تقوّلا عليه إذا لم يكن عند الكاتب سند عليه و كان فقط من خياله. 

3. عندما يعالج الكاتب موضوع الأثر الذي يجب تركه بعد الموت، فإنه يقدم للأسف النجاح على الطريقة الأمريكية. و كأن تركك أثرا في هذا العالم مرتبط بمدى الشهرة التي تصل إليها و مدى ظهورك في وسائل الإعلام و المحطات التلفزيونية و مدى حديث الناس عنك. هل هذا هو النجاح؟ و هل هكذا نترك أثرنا؟ شخصيات كثيرة ذكرت في السنة و كتب التاريخ و التي قد لا نعرف حتى اسمها، و لكنها خلدت بأعمال و مواقف قد تكون بسيطة جدا و لكنها تساوي عند الله الكثير. في الحقيقة ليس المهم مدى انتشار ما ستفعله على لسان الناس، المهم أن تقدم شيئا نافعا و لو ظهر نفعه بعد حين و أن تخلص النية لله تعالى و أن يكون هدفك أن يرضى الله عنك و أن يحبك، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: "إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض" رواه مسلم. فما همنا إذن برضى الناس و محاولة كسب اهتمامهم، يكفينا أن يحبنا الله و يرضى عنا فيذكرنا عنده في الملأ الأعلى. 

4. على عكس "كريسماس في مكة"، الرواية ينقصها طابع التشويق و الإثارة. فمعظم أحداث القصة متوقعة و النهاية معروفة منذ البداية و هي موت بلال. و حتى القصة الموازية (قصة بلال الحبشي) ليس لها دور كبير لأنها في أغلب الأحيان إعادة لما يقوله أمجد في رسائله لبلال. و لكن ربما يكون هذا اختيارا من الكاتب، لأن المهم عنده ليس التشويق و إنما استغلال تجربة واقعية لأشخاص عاديين لمناقشة بعض المواضيع الهامة التي فصلناها سابقا. 

5. مرة أخرى، إذا قارنا الطريقة التي تناول الكاتب بها شخصياته بين "كريسماس في مكة" و "شيفرة بلال"، فأنا أفضّل الأولى، لأن الشخصيات كانت مترابطة فيما بينها و تعرف بعضها منذ زمن و بالتالي فكل شخصية تبدي رأيها في الآخر. و هذا جعلنا نكون فكرة واسعة عن الشخصيات من زوايا مختلفة و ليس من زاوية الراوي أو الشخصية نفسها فقط. أما في "شيفرة بلال"، فكل الشخصيات لا تعرف بعضها من قبل، و لذلك كان من الصعب أن يتحدث كل واحد منها عن الآخر، و لكن الكاتب كان بإمكانه أن يستعمل هذا الأسلوب إلى حد ما لنعرف على الأقل انطباع كل شخصية عن الأخرى أو الصورة التي كوّنتها عنها و لو في مدة قصيرة.

 

تقييم

هذه الرواية كباقي روايات أحمد خيري العمري تناقش قضايا عديدة و تقدم أدبا هادفا و راقيا. و هي رائعة على جميع المقاييس حيث أثرت في و أبكتني في مواضع كثيرة. و لكن قراءتي لها بعد "كريسماس في مكة" جعلني أقارن بينهما و أتنبه إلى بعض نقاط الضعف فيها، و لذلك فتقييمي لها هو 4/5. و بما أن العمري كتب "شيفرة بلال" قبل "كريسماس في مكة"، فإن هذا يدل على التقدم الملحوظ و النضج الذي طرأ على كتابته و أسلوبه.


آمال

Saturday, January 30, 2021

Tweets from Twitter San Francisco

 
A photo with my Twitter account at Twitter SF


In 2019, I had the opportunity to have my Techwomen professional mentorship project at Twitter San Francisco HQ during the month of October. It was nothing less than a dream come true. Given how much Twitter influences social media and real-world lives, Twitter is today one of the biggest companies to work at. More than a year has passed since I was at Twitter and I still carry with me some of the most precious memories of my life.  Every time I read or see something about Twitter in the news, I feel filled with gratitude and nostalgia. This post is a humble attempt to capture some moments of fun and learning from this incredible experience. 

A Tech Guru


At Twitter HQ with the CEO Jack Dorsey

In order to prepare my professional mentorship at Twitter, I read about the current CEO’s biography, among other things, because I believe that leaders have a tremendous impact on company culture. As a teenager, Mr. Jack Dorsey created taxi-dispatching software. He dropped out of New York University in 1999 and moved to San Francisco where he set up his company to dispatch couriers, taxis, and emergency services from the web. In 2006, he approached Biz Stone and Evan Williams with the idea of creating an SMS-based social network. Together they developed a prototype of what would become the Twitter platform. On March 21, 2006, Jack Dorsey posted the world's first tweet: "just setting up my twttr."  The idea of a simple, text-based social media site, where the messages were short, turned out to be a success. Jack Dorsey co-founded Twitter Inc. in 2006, and returned as chief executive officer in September 2015.  He is also the cofounder and CEO of Square, a company that provides mobile payment solutions, financial and marketing services.

On a personal level, Mr. Jack Dorsey is famous for his unusual life of luxury, including a daily fasting routine, regular ice baths and his hard silent-meditation retreat. He is very thin, tattooed, with a long beard, nose ring and often dressed in black T-shirts, black pants and black sneakers. People at Twitter HQ talked about him with a lot of respect and admiration. When I met Mr. Jack Dorsey for the first time, he was very approachable and humble. With his noticeable tranquil character, he made me feel comfortable while introducing myself. I felt like I was speaking to a mystic guru. He welcomed me and he wished me good luck for my mentorship project.


A special meeting with the CEO



When I was reading about the CEO’s biography, I never thought that it was easy for me to meet him personally. During my stay at Twitter, I discovered that it wasn’t as difficult as I thought. Actually, I had the opportunity to see him in many occasions. One of those times was when the 2019 Techwomen participants were invited to interview Mr. Jack Dorsey for one hour in a special meeting.

It was an opportunity to sit down with him and ask him about his personal and professional life. For instance, how he could balance being the CEO of both Twitter and Square and what are the main good habits and personal qualities that help him to succeed in his mission as a Tech leader. In addition, we talked about some topical issues like security issues, personal data protection and privacy, Bitcoin and more. We also asked him about entrepreneurships and how we could turn our ideas into projects and succeed in it despite the big difference between ecosystems in Silicon Valley and those in our home countries.

Mr. Jack Dorsey was very welcoming. He encouraged us to ask him anything and he referred to the book we received during our first day at Twitter Flight School “The Art of Asking Essential Questions”. He asked us not to hesitate to suggest solutions or new ideas. While talking about good habits and life balancing, he insisted on the importance of having a good life routine as rising early, fasting, walking, planning, reading and meditation. He also talked about the role of a good communication and public speaking in both personal and professional life.


A great team of mentors


At Twitter HQ with my agenda and a cup of coffee

To be totally honest, heading into Twitter, I had no idea what to expect. A friend of mine gave me an advice about that: “You're in front of the ocean don't just wet your feet, dive in”. Basically, my mentorship project consists on exploring the technical and managerial ecosystem and meet up with engineers and managers in order to have an overview of the big picture and understand how Twitter works: Architecture, Software stack, leadership, work culture, etc. I was also interested with machine learning and analytics use and their impact on Twitter: ads, search, onboarding new users, dealing with spam/abuse, etc.

I had a short time to spend at Twitter, with a full agenda which means that I had to be flexible and focus on the most important. In this sense, I attended some interesting trainings that helped me to know more about Twitter. In addition, I attended some meetings with managers and engineers who gave me an idea about leadership and management. Furthermore, I visited the huge Twitter Datacenter in Sacramento. I had a big tour there with the guidance of the incredible datacenter team.  It was one of the most exciting experiences during my mentorship.


Some special moments with my mentors and friends at TwitterHQ


Actually, I hadn’t only a well thought-out plan; but also a great team of mentors. On my first day, I met the very supporting mentor Andrea Horst, a supply chain engineer. She has more than 16 years of supply chain management experience.  Actually, Andrea was the kind of person you like to have around you at work. She is a very enthusiastic and dynamic woman, always spreading good vibes in the room. Then, I met my mentor Kathleen Vignos a very charismatic woman. She is a Director in Platform Engineering at Twitter, where she heads Twitter's public cloud strategy and core infrastructure automation teams. Kathleen was a very caring and helpful mentor despite her tied agenda. Later, I met Oindrila Dawn, a Software Engineer at Twitter, where she develops tools for advertisers to be able to create campaigns on the Twitter platform. Oindrila is a smart young woman with whom I spent a great time in San Francisco and Washington DC.  

I was lucky I had such smart and supporting mentors who made my experience rich and enjoyable. All of them helped me to get in touch with managers and engineers in order to see the big picture and have an overview of how the pieces come together to make it happen. On a personal level, I had some interests in common with each one of them like reading, blogging, cooking, hiking and volunteerism which in my opinion helped us to have a smooth communication.

My mentorship project was also very much about getting to know and connect with people. In this sense, I gathered frequently during lunch time or coffee time with my mentors and other Tweeps (people working at Twitter) in order to know each other. I had the chance to talk to the CEO, top managers, engineers and other employees. They were all source of joy and inspiration.


***********

My mentorship project was very short but full of learning and fun. What helped me to stay focused and up to date is the way I managed it. Here are some tips to do it:

  • Take notes during and after meetings
  • Be specific when asking questions to be sure that you get exactly what you need
  • Be involved: not just by attending meetings and trainings but also events and celebrations
  • Get connected with people: take coffee with mentors and Tweeps and discuss about general stuff. I learned interesting things just by listening to people
  • Be yourself: don’t put yourself under stress and ask for help whenever you need it.
  • Organize the work and put a timeline to do it



A historical workplace with a startup culture

The Workplace

Twitter HQ in San Francisco

Located in the heart of San Francisco, Twitter’s global headquarters reside in an iconic Art Deco building originally built in 1937. It was the home of the historic Furniture Mart. This is the first workspace designed specifically for the company. The building seen from the outside looks more like a beautiful historical monument than a Tech company.

Inside the building, every place tells a different story through beautiful and special artistic design. There are large modern open space offices with workstations equipped with height-adjustable desks, meeting rooms, libraries, beautiful sofas, yoga rooms, cafeterias, juice bar, a large dining area and an open top roof deck, and more.

In this big comfortable environment, I noticed that no one seemed to be stick to his office all the day. Tweeps with their laptops move from place to place. Some of them prefer work from the headquarters’ rooftop deck. My favorite place at Twitter was the library. Whenever I needed to clear my mind and organize my notes, I moved there with the laptop and a cup of coffee. It’s a very quiet and a beautiful place.


The library

The startup culture

Actually, Silicon Valley work culture was always very inspiring for me: employees from different countries, diverse backgrounds and beliefs who show up to business meetings wearing T-shirts, jeans and sneakers. Big workplaces with all the perks you can imagine and in the same time companies with high level of turnovers in the world. At Twitter, I had the opportunity to have a closer look to this culture.

A room of prayer at TwitterHQ prepared 
especially for Techwomen participants

I heard before that Twitter was famous for its diverse, inclusive and open culture. That’s so true! The workforce reflects the diversity of people around the world who are using their services. I had some interesting talks with some Tweeps about what they love in this workplace. The majority of them talked about the family orientated culture where you can meet friendly coworkers and in the same time smart people and great teamwork that can support you and help you to progress.  Some of them described it as a fun place because of his collaborative and open culture. There is also a general feeling shared by Tweeps of being involved in a world change process while serving public conversations. The company's mottos like "love where you work", “until we are all belong”, “love who you work with” seem to reflect the company culture that makes it operate like a startup.


Techwomen celebration at Twitter with my wonderful mentors at Twitter HQ 
(Andrea Horst, Oindrila Dawn and Kathleen Vignos)

Every day at Twitter gave me something to be very excited about. Our agenda was full of meetings and also events and celebrations. The company frequently organizes events where Tweeps get together and chat about company achievements and interests which keep everyone connected. It was something very surprising the number of celebrations I attended at Twitter in a short period: Tweeps Got Talents, Twitter for good, Xlatinos, Diwali day, Techwomen celebration and much more. The platform connects people around the world and the company does the same with employees and their community.


The perfect mind in the healthy body


The Commons: The dining-area

Twitter makes sure its employees are well fed. There is an enormous dining area known as the Commons that offers an impressive menu three times every day. It opens onto a roof garden that offers a beautiful view and an open space where Tweeps can gather and meet. In the menu, there is a variety of options: Gluten-free, Veggie and Halal options are also available. There is also a juice bar when you can prepare your personalized delicious fruit juice. In each office area, there is a cafeteria where you find coffee machines and fridges stocked with juices and sodas. Everybody can bring coffee, tea and snacks for free during all the day. In addition, Twitter provides yoga sessions to their employees. In Silicon Valley, many Tech companies bring mindfulness culture to the workplace not only as a tool to help their employees to handle daily stress. But also to improve clarity, listening and decision making skills.


***********

It has been an overwhelmingly positive experience to be part of such a work culture. Here are some of my personal insights about it:

  • Valuate people and their wellbeing: Q/A culture, yoga sessions, good food, trainings and more.
  • GO/Anything: All seems going smoothly at Twitter. You can access any service or reach any person. During my first days at Twitter, I had all what I needed to start working there with ease: Laptop, access card, a well-organized agenda, useful online services and much more.
  • Learn and pay it forward: For instance all trainings I attended were doing by people working at Twitter. Also, Tweeps are involved in their community challenges through #TwitterForGood volunteering activities.
  • Humility: People are extremely friendly and cooperative. The hierarchy seems to be very horizontal.


---------------------------------------------------------------------------------------------------

Rachida Khtira 
Linkedin 
Twitter
---------------------------------------------------------------------------------------------------