Sunday, December 2, 2012

وحي القلم ـ نبذة و مقتطفات


نبذة عن محتوى الكتاب

"وحي القلم" عمل أدبي لمصطفى صادق الرافعي، ويعتبر من أجمل ما كتبه، و هو عبارة عن مجموعة من مقالاته النقدية والإنشائية، تتناول مواضيع اجتماعية وأخرى عن الوصف والحب، كما فيه مواضيع توضح ما التبس من حقائق الإسلام وآدابه وخلفياته وبعض جماليات القرآن، ينتزع من الدنيا حقائقها، ويرسلها ضمن نصوص صيغت بصيغة القصة التي تلفت نظر القارئ إلى المغزى.

يجمع الكتاب كل خصائص الرافعي الأدبية متميزة بوضوح في أسلوبه، فمن شاء أن يعرف الرافعي عرفان الرأي والفكرة والمعاشرة فليعرفه في هذا الكتاب.

يتكون الكتاب من ثلاثة أجزاء:
  • الجزء الأول (346 ص) يضم 40 مقالة منها: اليمامتان، المعنى السياسي في العيد، الربيع، في الربيع الأزرق (البحر)، أحلام في الشارع، سمو الحب، قصة زواج وفلسفة المهر، زوجة إمام، قبحٌ جميل، فلسفة الطائشة، أرملة حكومة (ويقصد الرجل العازب)، بنته الصغيرة ( قصة توبة مالك بنت دينار)، رؤية في السماء (تبين فضل وبركة السعي على العيال يوم القيامة)، الجمال البائس، عربة اللقطاء...
  • الجزء الثاني (350 ص) يتكون من 46 مقالة منها: حقيقة المسلم، سمو الفقر في المصلح الاجتماعي الأعظم، شهر للثورة فلسفة الصيام، قلت لنفسي وقالت لي، الانتحار ( 6 أجزاء وتعرض أمثلة من الذين وسوست لهم أنفسهم بالانتحار عندما اسودت الدنيا في أعينهم، وينقدح نور الله في قلوبهم فتهب من غفلتها وهي تصيح: الله أكبر من الدنيا...)، موت أمٍّ، إبليس يُعلِّم، تاريخ يتكلم، قصة الأيدي المتوضئة، المعجم السياسي، المجنون...
  • الجزء الثالث (392 ص) يتكون من 45 مقالة منها: قرآن الفجر، أمراء للبيع، العجوزان، عاصفة القدر، القلب المسكين، انتصار الحب، شيطان وشيطانة، صعاليك الصحافة، حافظ إبراهيم، البؤساء، الملاح التائه، أبو حنيفة ولكن بغير فقه، المرأة والميراث، كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة...

مختارات من الكتاب

يقول الكاتب في صدر الكتاب وأخاله يتكلم عن مقالاته:
لا وجود للمقالات البيانية إلا في المعاني التي اشتملت عليها... ونقل حقائق الدنيا نقلا صحيحا إلى الكتابة أو الشعر هو انتزاعها من الحياة وإظهارها للحياة في أسلوب آخر يكون أوفى وأدق وأجمل... وتلك هي الصناعة الفنية الكاملة: تستدرك النقص فتتمه وتتناول السر فتعلنه، وتلمس المقيد فتطلقه وتأخذ المطلق فتحده وتكشف الجمال فتظهره.

ج 1- في الربيع الأزرق، ص 43:
لا تتم فائدة الانتقال من بلد إلى بلد إلا إذا انتقلت النفس من شعور إلى شعور، فإذا سافر معك الهم فأنت لم تبرح.

ج 1- بنته الصغيرة، ص 229-230-231: 
إن للمؤمن ظنين: ظنا بنفسه وظنا بربه، فأما ظنه بنفسه فينبغي أن ينزل بها دون جمحاتها ولا يفتأ ينزل، فإذا رأى لنفسه أنها لم تعمل شيئا أوجب عليها أن تعمل فلا يزال دائما يدفعها، وكلما أكثرت من الخير قال لها أكثري، وكلما أقلت من الشر قال لها أقلي ولا يزال هذا دأبه ما بقي...
وأما الظن بالله فينبغي أن يعلو به فوق الفترات والعلل والآثام، ولا يزال يعلو فإن الله عند ظن عبده به، إن خيرا فله وإن شرا فله... والإنسان عند الناس بهيئة وجهه وحليته التي تبدو عليه، ولكنه عند الله بهيئة قلبه وظنه الذي يظن به، وما هذا الجسم من القلب إلا كقشرة البيضة مما تحتها.

*****************
ليس حفظ القرآن في العقل بل حفظه في العمل به، فإن أنت أتيت الآية منه وكنت تعمل بغير معناها وتعيش في غير فضيلتها، فهذا ويحك نسيانها لا حفظها... وفد كان قومنا الأولون بمعانيه كالشجرة الخضراء النامية فيها ورقها الأخضر وزهرها، وعلى ظاهرها حياة باطنها فلما ثبت الناس على الشكل وحده ولم يبالوا بالقلب وأحواله أصبحوا كالشجرة اليابسة عليها ورقها الجاف ليس في بقائه ولا سقوطه طائل.

***************** 
إنما السعيد... من يختار فيما يعمل أحسن ما يعمل، ومن ثم لا يكون جهاده في سبيل الوجود كالحيوان بل في صحة وجوده وفي شرف الحياة لا الحياة نفسها...والشقاء في هذه الدنيا إنما يجره على الإنسان أن يعمل في دفع الأحزان عن نفسه بمقارفته الشهوات وبإحساسه غرور القلب، وبهذا يبعد الأحزان عن نفسه ليجلبها على نفسه في صور أخرى.

ج 2- الانتحار1، ص 89:
والنفس وحدها كنز عظيم وفيها وحدها الفرح والابتهاج لا في غيرها، وما لذات الدنيا إلا وسائل لإثارة هذا الفرح وهذا الابتهاج، فإن وُجدا مع الفقر بطلت عزة المال وأصبح حجرا من الأحجار، والبلبل يتغرد بحنجرته الصغيرة ما لا تغني فيه آلات التطريب كلها... وفي النفس حياة ما حولها فإذا قويت هذه النفس أذلت الدنيا وإذا ضعفت أذلتها الدنيا

ج 3- قرآن الفجر، ص 25-26:
كنت في العاشرة من سني وقد جمعت القرآن كله وجودته بأحكام القراءة... وذهبت ليلة فبتُّ عند أبي في المسجد (إحدى الليالي العشر الأخيرة من رمضان)...لا أنسى أبدا تلك الساعة. وقد انبعث في جو المسجد صوت غرد رخيم يشق سُدفة (ظلمة) الليل في مثل رنين الجرس تحت الأفق العالي وهو يرتل أواخر سورة النحل: " اٌدع إلى سبيل ربك... واصبر وما صبرك إلا بالله...". وسمعنا القرآن غضا طريا كأول ما نزل به الوحي...وكنا نسمع قرآن الفجر وكأنما مُحيت الدنيا التي في الخارج من المسجد وبطُل باطلها، فلم يبق على الأرض إلا الإنسانية الطاهرة ومكان العبادة، وهذه هي معجزة الروح متى كان الإنسان في لذة روحه مرتفعا على طبيعته الأرضية.
أما الطفل الذي كان فيَّ يومئذ فكأنما دُعي بكل ذلك ليحمل هذه الرسالة ويؤديها إلى الرجل الذي يجئ فيه من بعد، فأنا في كل حالة أخضع لهذا الصوت: "ادع إلى سبيل ربك..."، وأنا في كل ضائقة أخشع لهذا الصوت: "وما صبرك إلا بالله..."

تعليقي على الكتاب

أجد أسلوب الكاتب راقيا جدا إلى جانب مضمونه الممتع والغني، إن لم أقل أن كتاباته لها روح تسري من القلب إلى القلب وتقارع هذا الواقع المفتون لتنير الدرب وتجاهد من أجل رسالة سامية وهي إحياء الإيمان. 

وأرى مقالاته تنبئ عن طينة الكاتب المؤمنة والراسخة الإيمان، المتبصرة بأحوال من يحيطون بها، تحمل همهم وتبحث لهم عن الملاذ دنيا وآخرة. كما يجد القارئ من خلالها أجوبة لمجموعة من الأسئلة المحيرة فتنقلب حيرته بردا وسلاما كما لو أنه وجد من يشاطره أحاسيسه وأفكاره التي لم يستطع أن يعبر عنها أو يفهمها أو يجدها غير لائقة للبوح بها، فينفرج همه عند قراءتها وتتنور بصيرته. كما أجد كتابه نموذجا جيدا للاستئناس لمن أراد أن يقتحم مجال الكتابة.


Soukaina SENHAJI

Engineer in the field of Water and Sanitation
Interests: Reading, personal development, health & nutrition, jogging, travel

2 comments:

  1. السلام عليك سكينة
    لقد احببت حقا ملخصك الجميل الذي فتح شهيتي لقراءة الكتاب و ان شاء الله سأدرجه ضمن الكتب التي سأقرأها في 2013.
    اعجبت بتركيبة الكتاب فهي مجموعة من المقالات مما يعطي القارئ فسحة ليقرأ فيها من وقت لأخر و لا يكون مقيدا بأنهاء المجلدات كلها.
    ايضا المقتطفات المختارة معبرة جدا و تعطي فكرة واضحة عن فكر الكاتب و لقد احببت المقولة التالية:
    "انما السعيد... من يختار فيما يعمل أحسن ما يعمل، ومن ثم لا يكون جهاده في سبيل الوجود كالحيوان بل في صحة وجوده وفي شرف الحياة لا الحياة نفسها...والشقاء في هذه الدنيا إنما يجره على الإنسان أن يعمل في دفع الأحزان عن نفسه بمقارفته الشهوات وبإحساسه غرور القلب، وبهذا يبعد الأحزان عن نفسه ليجلبها على نفسه في صور أخرى."
    فما أحوجنا الى هدا النوع من السعادة الصافية من كل الشوائب.
    و احببت ايضا ما ختمت به الملخص:
    "كما يجد القارئ من خلالها أجوبة لمجموعة من الأسئلة المحيرة فتنقلب حيرته بردا وسلاما كما لو أنه وجد من يشاطره أحاسيسه وأفكاره التي لم يستطع أن يعبر عنها أو يفهمها أو يجدها غير لائقة للبوح بها، فينفرج همه عند قراءتها وتتنور بصيرته"
    فهدا حقا من بين المتع التي أجدها في المطالعة ان تجد شخصا مبدعا يتحدث عما تحسه و تحلم به بكلمات بسيطة و ساحرة و تجعلك تطمئن ان هناك اشخاصا اخرين مثلك يحسون ما تحس به ويحلمون بما تحلم به و يشاطرونك مخاوفك و افراحك.
    فشكرا سكينة و الى ملخص اخر ان شاء الله.

    ReplyDelete
  2. السلام عليك سكينة،

    أسلوب رائع و جميل، و ملخص مفيد أعطاني فكرة واضحة عن محتوى الكتاب، صحيح أنه ليس لدينا فكرة عن كل مقالة، و لكن هذا سيكون صعبا نظرا لكثرتها و تنوع مواضيعها.
    أما المقتطفات فقد أعطتنا لمحة عن أسلوب الكاتب الشيق و أفكاره القيمة. و كما ذكرت رشا فإن كون المقالات مستقلة عن بعضها البعض، يشجعنا على قراءتها و لو على فترات.

    أشكرك إذن على المجهود الذي قمت به و إلى ملخص ٱخر إن شاء الله :)

    ReplyDelete